img

وَجَاءَ‭ ‬مِنْ‭ ‬أَقْصَىَ‭ ‬المَدِيْنَةِ‭ ‬رَجُلٌ‭ ‬يَسْعَىَ

لتحميل الكتاب

هذا‭ ‬ما‭ ‬سنأكل


بعد‭ ‬أن‭ ‬تمت‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬إحدى‭ ‬القرى‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المجاهدين،‭ ‬طلب‭ ‬إليّ‭ ‬ان‭ ‬أستلم‭ ‬مسؤوليّة‭ ‬الدعم‭ ‬اللوجستي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القرية‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬الخطوط‭ ‬الأمامية‭ ‬للجبهة،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بعهدتي‭ ‬كل‭ ‬حاجات‭ ‬المجاهدين‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يلزمهم،‭ ‬ومنها‭ ‬طبعاً‭ ‬جميع‭ ‬مخزون‭ ‬الطعام‭. ‬وكان‭ ‬هو‭ ‬قائداً‭ ‬لأحد‭ ‬المحاور‭ ‬هناك‭. ‬وفي‭ ‬أحد‭ ‬الايام‭ ‬عاد‭ ‬من‭ ‬الخطوط‭ ‬الأمامية‭ ‬مع‭ ‬زملائه‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬المحاور،‭ ‬انفطر‭ ‬قلبي‭ ‬على‭ ‬حالهم،‭ ‬وقد‭ ‬أنهكم‭ ‬التعب‭ ‬والجوع،‭ ‬قال‭ ‬لي‭ ‬بأنهم‭ ‬لم‭ ‬يأكلوا‭ ‬طعاماً‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويله،‭ ‬وطلب‭ ‬إليّ‭ ‬أن‭ ‬أحضر‭ ‬ما‭ ‬تيسّر‭ ‬من‭ ‬طعام،‭ ‬فذهبت‭ ‬وأحضرت‭ ‬صندوقاً‭ ‬من‭ ‬علب‭ ‬التونة،‭ ‬وكانت‭ ‬علبة‭ ‬التونة‭ ‬في‭ ‬وقتها‭ ‬تعتبر‭ ‬طعاماً‭ ‬مهماً‭. ‬فرتبت‭ ‬الأمر،‭ ‬ووضعت‭ ‬العلب‭ ‬أمامهم‭ ‬مع‭ ‬الخبز‭ ‬ودعوتهم‭ ‬للطعام،‭ ‬وحين‭ ‬رأى‭ ‬علب‭ ‬التونة‭ ‬سألني‭ ‬قائلاً‭: ‬
‭ - ‬هل‭ ‬أرسلتَ‭ ‬للمجاهدين‭ ‬منها‭ ‬ايضاً‭ ‬؟‭ ‬
فقلت‭ ‬له‭ ‬محرجاً‭:‬
‭ - ‬لا‭ ‬يا‭ ‬أخي،‭ ‬لم‭ ‬أفعل،‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬يبق‭ ‬منها‭ ‬إلا‭ ‬القليل،‭ ‬ولا‭ ‬أستطيع‭ ‬توزيعها‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬سيخلق‭ ‬مشكله،‭ ‬فهي‭ ‬لن‭ ‬تكفي‭ ‬الجميع‭. ‬
‭ - ‬ماذا‭ ‬أرسلت‭ ‬لهم‭ ‬اذاً؟‭ ‬
‭ - ‬كان‭ ‬قد‭ ‬بقي‭ ‬بعض‭ ‬الأرز‭ ‬فأرسلته‭ ‬لهم‭. ‬
‭ - ‬اجلب‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الأرز‭.‬
‭ ‬أخبرته‭ ‬بأنه‭ ‬انتهى،‭ ‬ولم‭ ‬يبق‭ ‬منه‭ ‬شيء‭. ‬فصار‭ ‬ينظر‭ ‬حوله‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬المكان،‭ ‬حتى‭ ‬استقرّ‭ ‬بصره،‭ ‬ورأى‭ ‬شيئاً‭ ‬موضوعاً‭ ‬في‭ ‬الزاوية‭ ‬البعيدة‭ ‬فسألني‭ ‬قائلاً‭:‬
‭ - ‬ما‭ ‬تلك‭ ‬العلب‭ ‬هناك؟‭ ‬
‭ - ‬إنّها‭ ‬علب‭ ‬لبن‭.. ‬لكن‭ ‬مدة‭ ‬صلاحيتها‭ ‬انتهت‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬15‭ ‬يوماً‭.. ‬كلما‭ ‬أرسلها‭ ‬إلى‭ ‬المجاهدين‭ ‬تعود‭ ‬إلينا‭ ‬بسبب‭ ‬طعمها‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يطاق‭ ‬فهو‭ ‬شديد‭ ‬الحموضة‭. ‬
فقام‭ ‬وجلبها،‭ ‬وخلطها‭ ‬بالماء،‭ ‬ووزع‭ ‬الخبز‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬وقال‭:‬
‭ - ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬ينفعنا‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬سنأكل‭.‬