img

وَجَاءَ‭ ‬مِنْ‭ ‬أَقْصَىَ‭ ‬المَدِيْنَةِ‭ ‬رَجُلٌ‭ ‬يَسْعَىَ

لتحميل الكتاب

سأحضر‭ ‬يا‭ ‬عزيزي


كان‭ ‬من‭ ‬المعروف‭ ‬عن‭ ‬المهندس‭ ‬حسام‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬دائماً‭ ‬يتابع‭ ‬شؤون‭ ‬الناس،‭ ‬ويقدم‭ ‬لهم‭ ‬المساعدة‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬استطاعته،‭ ‬ولا‭ ‬يرد‭ ‬من‭ ‬قصده‭ ‬دائماً‭. ‬
والعاملون‭ ‬معه‭ ‬يلمسون‭ ‬ذلك‭ ‬بكل‭ ‬وضوح،‭ ‬يسأل‭ ‬عن‭ ‬أحوالهم‭ ‬الشخصية،‭ ‬وشؤونهم‭ ‬العامة،‭ ‬وحاجاتهم‭.‬
في‭ ‬مدينة‭ ‬جويا‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬لبنان،‭ ‬أقمت‭ ‬احتفالاً‭ ‬صغيراً،‭ ‬ودعوته‭ ‬لحضور‭ ‬خطوبتي‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة،‭ ‬البعيدة‭ ‬نسبياً‭ ‬عن‭ ‬بيروت،‭ ‬كنت‭ ‬أعلم‭ ‬مدى‭ ‬انشغاله‭ ‬وضيق‭ ‬وقته،‭ ‬ولكني‭ ‬كسواي‭ ‬أعلم‭ ‬مدى‭ ‬اهتمامه،‭ ‬وطيبة‭ ‬قلبه،‭ ‬وحبه‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬معه،‭ ‬كنت‭ ‬أعلم‭ ‬صعوبة‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬انني‭ ‬دعوته،‭ ‬فقبل‭ ‬الدعوة،‭ ‬وقال‭ ‬وهو‭ ‬يبارك‭ ‬لي‭:‬ ‭ - ‬سأحضر‭ ‬يا‭ ‬عزيزي‭... ‬سأحضر‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭.‬
أسعدني‭ ‬هذا‭ ‬كثيراً،‭ ‬لكن‭ ‬الذي‭ ‬فاجأني،‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬لي‭ ‬أحدهم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المهندس‭ ‬حسام‭ ‬قد‭ ‬حضّر‭ ‬قصيدة‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬أبيات،‭ ‬يود‭ ‬قراءتها‭ ‬بعد‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬مراسيم‭ ‬الخطوبة‭. ‬لم‭ ‬يكتفِ‭ ‬بالحضور،‭ ‬بل‭ ‬أراد‭ ‬المشاركة،‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يشاركني‭ ‬فرحي‭ ‬بقصيدة‭ ‬شعر‭ ‬كتعبير‭ ‬عن‭ ‬سعادته‭ ‬بخطوبتي‭.‬
لم‭ ‬يكتفِ‭ ‬المهندس‭ ‬حسام‭ ‬بحضور‭ ‬خطبتي‭ ‬فقط،‭ ‬ومتابعة‭ ‬شؤوني،‭ ‬ومساعدتي‭ ‬كلما‭ ‬احتجت‭ ‬إلى‭ ‬مساعدة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬كله،‭ ‬قام‭ ‬بشيء‭ ‬معنوي‭ ‬عزيز‭ ‬جداً،‭ ‬لقد‭ ‬أشرف‭ ‬على‭ ‬كتابتي‭ ‬لوصيتي،‭ ‬حيث‭ ‬ساعدني‭ ‬في‭ ‬انتقاء‭ ‬المواضيع،‭ ‬والأفكار،‭ ‬وصفتها‭ ‬في‭ ‬عبارات‭ ‬عربية‭ ‬بنفسي،‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬جميلاً‭ ‬ومؤثراً،‭ ‬كلما‭ ‬تذكرت‭ ‬هذا‭ ‬كنت‭ ‬اقول‭: ‬يا‭ ‬سبحان‭ ‬الله،‭ ‬إن‭ ‬الله‭ ‬اختاره‭ ‬ورزقه‭ ‬الشهادة،‭ ‬وأنا‭ ‬لا‭ ‬زلت‭ ‬هنا‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭.‬